ما يزال ستيفان زفايغ في رواياته المختلفة يذهل القراء ببراعته في الغوص على ما يضطرب في أعماق النفس البشرية من دقائق المشاعر ولطائف الأحاسيس. فلم يكن يوم الأحد من هذه "الليلة العجيبة" يوم استراحة ودعاء وإنما كان يوماً لإنشاء الكيان وإعادة تشكيل الذات بعيداً عن غبار الانتماء البورجوازي يوماً لهروب بطل هذه الحكاية من التشوه والمسخ حين أصابته لعنة الوعي بالوحدة والشعور بالغربة وسط الحشود فبحث له بين البسطاء وكائنات أخرى عن مرايا متحركة يكتشف فيها من نفسه ما لم يكن يعرفه على مرآة الانطواء المسطحة حتى كان الوعي بجوهر الذات وإدراك عالمها اللامنتاهي. فتح البطل ذاته فأنتشر منها دفق الحياة بين الناس وأعلن عندئذ أنه حي وأن على الإنسان أن يعرف ذاته أولاً حتى يعرف جميع البشر.