«خابيير ماريّاس واحد من الكتاب الذين يجب أن يحصلوا على جائزة نوبل»
أورهان باموق
«ماريّاس هو واحد من أفضل الكتاب المعاصرين»
ج. م. كويتزي
«ماريّاس هو أفضل كاتب إسباني حتى اليوم»
روبرتو بولانو
«(ماريّاس) كاتب عظيم»
سلمان رشدي
***********
من الكتاب:
لا يفكّر أحد قطّ في أنه قد يجد نفسه وامرأةً ميّتة بين ذراعَيْه، وأنه لن يرى وجهها، وإنما سيذكر اسمها. لا يفكّر أحد في أنّ أحداً قد يموت في لحظة بعيدة كلّ البُعد عن أن تكون موائمة، وإن كان ذلك يحدث كلّ آن، ونحسب أنْ لن يموت قربنا أحد إلا إذا كان موته مرتقَباً. فكثيراً ما تخفى الأحداث أو الظروف علينا. وكثيراً ما يُخجل الأحياءَ أو مَنْ يموت، إن كان على وعي، شكلُ الموت الممكن ومظاهره وسببُهُ أيضاً، سواءٌ أكان عسر هضم من أكل المحار أم لفافة مشتعلة عند النوم، فتحرق الملاءات، أو ما هو أسوأ من ذلك، صوف بطانية، أم انزلاقاً في الحمّام، أو على سقّاطة قفل ملقاة، ثمّ السقوط على القفا، أم صاعقة تقصم شجرة في جادّة كبيرة، وهذه الشجرة تسحق أو تحصد عند سقوطها رأسَ أحد المارّة الذي قد يكون أجنبياً؛ سواءٌ أكان الموت والمرء لابس جورَبَيْه، أم في محلّ حلاقة واضعاً مريلة كبيرة، أم في ماخور، أم في عيادة طبيب أسنان، أم عند أكل سمك، فيعترض الحلقَ عَظْمٌ، ثمّ الموت بالغُصّة كالأطفال الذين لا تكون أمهّاتهم قربهم، ليُدخلنَ إصبعاً، فينقذنهم؛ الموت وقد حُلق نصف الوجه، وما يزال الخدّ الآخر مملوءاً بالرغوة، فتظل اللّحية متنافرة حتّى نهاية الأزمان، إذا لم يتنبّه أحد لذلك، ويُكمل العمل بدافع شفقة جمالية؛ حتّى لا أذكر لحظات في الوجود هي أقلّها نبلاً، وأخفاها، لحظات لا يذكرها أحد بعد عصر المراهقة، إذْ لا توجد حجّة لذكرها بعد ذلك، وإنْ وُجد مَنْ يُنعشها، ليجعل ظريفاً ما ليس بظريف قطّ. لكنّ هذا (الموت) موت رهيب، يقال عن بعض الميتات؛ لكن (هذا) موت مضحك، يقال أيضاً وسط القهقهات. ترِد القهقهات، لأن الحديث يدور حول عدوّ، قُضي أمره أخيراً، أو حول أحدٍ ما بعيد، أحدٍ ما واجهنا ذاتَ مرّة، أحد يسكن الماضي البعيد منذ مدّة طويلة، كأن يكون إمبراطوراً رومانياً، أو أحد أجداد الأجداد، أو بالحَريّ أحد ما متسلِّط، يُرى في موته الفظّ الذي نتمنّاه في أعماقنا للناس جميعاً ونحن منهم، عدالةً ما تزال حَيّة، ما تزال بشرية؛ ما أفرحني بهذا الموت! ما أحزنني له! ما أحفاني به! أمّا الضحك، فحسبنا أن يكون الميّت إنساناً مجهولاً، نقرأ عن كارثته المضحكة لا محالة في الصحف. يا للمسكين! يقال وسط الضحكات؛ الموت كتمثيلية، أو كمشهد يُعلَن عنه، والقصص كلها التي تُروى، أو تُقرأ، أو تُسمع، يُنظَر إليها على أنها مسرحية، فهناك دائماً درجة من اللاواقعية في ذلك الذي نُعلم به وكأنّ شيئاً لا يحدث البتّة، حتّى الذي يحدث لنا، ولا ننساه. حتّى الذي لا ننساه.